تميزت حياة القديسة كلودين بعيش قِيَم وافرة جعلت منها عملاقةً في التربية والتعليم وقدوةً للمرّبين. تسع قيم عاشتها كلودين وحرصت على تطبيقها في مسيرتها التربوية: الايمان، والصلاة، والمغفرة، والبساطة، والاحترام، وكرامة العمل، وحب النظام، والوحدة، والعدل  

نبدأ بالقيمة الأساسية وهي:
الايمان الذي شكل ركيزة لمسيرة كلودين التربوية . ونعني به الايمان بالله وبالانسان، ما يؤدي إلى معرفة الله الذي هو الخير في ذاته . فهو يهتم بشؤوننا ويعرف ما هو الأفضل لنا

الإيمان بالذات أي بقدراتك والإيمان بالآخر كمساوٍ لك . الإيمان بالحياة وبما تتيحه من فرص وتحديات . فكلما كرّسنا حياتنا لخدمة الآخر، تضاعفت سعادتنا . الإيمان أساس لعيش حياة يسودها السلام والفرح والصلاة   .والإيمان يشمل قيمًا أخرى كالثقة والانفتاح والأمل 

الصلاة: شكلت الصلاة دعامةً لحياة كلودين  . فالصلاة تليّن قساوة قلوبنا، وبمقدورها أن تشفينا وتقودنا إلى معرفة وإيجاد الحقيقة الكاملة أي الله  . تشمل الصلاة قيمًا أخرى كالصبر والوقار والقبول والحب والأمانة والاستقامة والكمال 

المغفرة: أدركت كلودين أنه مهما كانت الجراح عميقة والألم كبير، فإن الحب والمغفرة يشفيان الجراح كلّها    . فالمغفرة خير دليل على نبل المرء    . فمن يغفر، يُغفر له أيضاً . تشمل المغفرة قيمًا ثمينة أخرى كالسلام والوحدة والتفهم 

البساطة : تميزت كلودين ببساطة عميقة في ملبسها وطريقة كلامها وتصرفاتها، بالرغم من كونها تتحدّر من عائلة مرموقة وميسورة    . أدركت كلودين أنه عندما يتعلم المرء العطاء والمشاركة والتبادل مع الآخر، يمكنه أن يترفّع بذاته عن تلك   “الأنا   ” التي تعشعش في داخله وتسعى دومًا إلى لفت الانتباه  . تشمل البساطة قيمًا أخرى كالصدق والأمانة والمساواة والاخلاص ومراعاة مشاعر الآخر وحقوقه والاكتفاء والجهد والعمل الدؤوب

الاحترام : إن الاحترام العميق الذي كانت كلودين تكنّه للإنسان ساعدها وكان لها مرشدًا لخياراتها التربوية    . كانت أمنيتها في أن تعلم الأولاد جميعاً كيفية الاعتماد على أنفسهم، فيكونوا بالتالي أحرارًا  . يشمل الاحترام اللطف والحب ومراعاة الآخر والإحساس
كرامة العمل : إن العمل بفرح وجهد والترفّع عن الذات يحميان الشباب من فقدان الأمل أو من الكآبة لدى مواجهتهم شبح البطالة، ويشكلان سلاحًا منيعًا ضد الانجرار في مستنقع المخدرات أو الانتحار، ما يكبد مجتمعنا مخاطر وجراح رهيبة . فلا بد إذًا، في عالمنا اليوم، من تعزيز قيمتي الثبات والشجاعة 

حب النظام: ما إن يجد المرء قيمة النظام، حتّى يجد الهدوء والسلام في وجه العمل المفرط والقلق السائدين في عالمنا اليوم    . وبالتالي تصبح العلاقات بين البشر، سواء أكانت في العائلة أم في أماكن العمل، أسهل وأكثر إنسانية ومسيحية    . إن توفير مناخ من الطمأنينة يعزز النمو الطبيعي لدى الأطفال والشباب، فينمون ويكبرون كأشخاص متوازنين قادرين على الاصغاء إلى الذات والصمت والوعي والإصغاء إلى الروح

الوحدة :إن التفرّد والأنانية غالبًا ما يسيطران على العلاقة بين البشر    . فنحن نرغب في أن نتحد، ولكن غالبًا ما تعيقنا صعوبات كثيرة    . فلا بد إذًا من أن نمنح أولادنا القيم التي تقوم عليها أيُّ مجموعة بشرية كالتعاون والتكاتف والإحساس بالمسؤولية والخدمة    . عليهم أن يدركوا أن المرء لا يمكنه أن يستفيد او يحصل على تقدمات من دون أن يكون مستعدًا لخدمة الآخر    . إن حب المال يدفع بالمجتمع ويحركه، فكلّ شيء أضحى ماديًّا وتجاريًّا، لا مجانيًّا    . وبالتالي، على الشباب ان يكتشفوا أنه من دون الحبّ المجانيّ والكرم والعطاء وعرفان الجميل، يستحيل بناء مجتمع منفتح على الجميع، من أي عرق أو مستوى اجتماعيّ

العدل: إنّ العدل يقوم على احترام الشخص يؤدي إلى تعزيز الإنسان تعزيزًا فعليًّا. يشهد الوضع العالمي اليوم قيام طبقات مختلفة من الناس، فنجد أشخاصًا ميسورين، وآخرين محرومين، كما نجد أشخاصًا استغلاليين وآخرين مقموعين، فلا بد من دقّ ناقوس الخطر والتحرك سريعًا، من خلال التعليم المسيحي، لتوعية الشباب على النداءات الطارئة التي تستدعي التحرك السريع لمصلحة الانسان واحترام الحياة والعائلة. فتعليم العدل الاجتماعي ليس كافيًا، ولا بد من مناشدة ضمائر الشباب للعمل من أجل الأشخاص الأكثر فقرًا والمهمّشين والمعوقين والمتروكين، وتعزيز التزام الشباب بقضية العدل والسلام وفقًا للإنجيل وتعاليم المسيح

قيم كلودين معاصرة كونها قيم عظيمة، والإنسان العظيم يصلح لكل زمان. فمن خلال التأمل في هذه القيم، نكتشف جوهرها ونجسّدها أكثر في حياتنا، ونقدّمها للشباب كمظاهر متنوعة لقيمة وحيدة، فريدة ومطلقة هي يسوع، كلمة الآب، الطريق والحق والحياة