“ أمّا انا فأرجو دائمًا “ مزمور (٧١ / ١٤).
وهل من سبب بعد للرجاء؟
في ظلّ التحديات التي تواجهنا، والمضايقات التي تحرمنا بهجة العيش، وطبقات جهنّم التي نتنقّل بينها يوميًّا، أليس الرجاء مخدّرًا لمشاعر الغضب والعجز واليأس التي فينا؟ ألا يُعدّ الرجاء اليوم تآمرًا على من سُلبت حقوقُهم؟
لقد أنتن كياننا اللبنانيّ وفشلت دولتنا بفعل فساد المسؤولين على مدى عقود طويلة، وارتهاناتهم ومتاجراتهم بنا مرّات ومرّات…
لأنّ كياننا أنتن ودولتنا فشلت، وكلّ آمالنا خابت، لم يعد لنا الّا الرجاء. وهو ليس تآمرًا ولا استسلامًا. إنّه فعل إيمان عميق بأنّ الذي أرسلنا للشهادة في هذه الأرض هو أمين وصادق. وهو لن يتخلّى عنّا حتى ولو نحن أنكرناه، لأنه لا يمكنه ان ينكر ذاته (٢ طيموتاوس ٢ / ١٣). رجاؤنا هو اعلان لإيماننا بأن الذي زار الموتى في مثواهم ودعاهم إلى الحياة الجديدة معه، والذي أقام لعازر بعد أن أنتن، وأعاد وحيد الأرملة الثكلى الى أمّه، وشفى الأعمى والمخلّع والأبرص…، هو قادر أن يشفينا من أنانيّتنا وجشعنا وكسلنا وتقاعسنا، ويبعث فينا الرغبة بالحياة والفرح، ويعيد الروح الى وطننا المنازع.
ما أحوجنا اليوم إلى هذا الإيمان ننقل به جبال المصاعب ونلقيها في البحر (لوقا ١٧ / ٦). ما الذي قد يوقظ فينا هذا الإيمان؟ هي الذاكرة الروحيّة التي تُراكِم على مرّ العقود والقرون عظائم الله علينا وعلى آبائنا والأجداد.
لقد مرّت علينا ظروف أقسى، وعرفنا اضطهادات أشنع، ومن هذه كلّها نجّانا الله. ” ألا يُنصف الربُّ مُختاريه، الصارخين إليه نهارًا وليلًا، وهو متمهّلٌ عليهم؟” (لوقا ١٨ / ٧). أيتجاهل صلوات شربل ورفقا ونعمة الله وكلّ قديسينا الضارعين إليه عنّا؟
هذه هي أسباب رجائنا، والرجاء لا يخيّب صاحبه.
لن يخيب رجاؤنا احبّائي لأنّنا وضعناه في الله وحده.
عسانا، عند سماع صوته يدعونا الى النهوض والحياة من جديد، نقوم من كبوتنا بلا خوف ولا تردّد.
ونحن، في مدرسة يسوع ومريم، نفتتح هذا العام الدراسي الجديد ٢٠٢١ – ٢٠٢٢ بهذا الرجاء، واضعين ثقتنا بالربّ ورجاءنا فيه، مصلّين مع صاحب المزمور: ” لماذا تكتئبين يا نفسي وتقلقين فيّ، إرتجي الله فإنّي سأعود أعترف له، وهو خلاص وجهي والهي “. (٤٢ / ١١).
سنة مباركة.
الخوري موسى الحلو
رئيس المدرسة